للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول: الظاهرية (١)، وهو اختيار الشيخ -رحمه الله-.

سبب الخلاف: قال ابن رشد: "وأما سبب اختلافهم في تخصيص بعض المساجد أو تعميمها: فمعارضة العموم للقياس المخصص له. فمن رجح العموم قال: في كل مسجد على ظاهر الآية، ومن انقدح له تخصيص بعض المساجد من ذلك العموم بقياس اشترط أن يكون مسجدا فيه جمعة لئلا ينقطع عمل المعتكف بالخروج إلى الجمعة" (٢).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه لا يصح الاعتكاف إلا في المسجد الجامع.

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (٣).

وجه الاستدلال: أن الآية أشارت أنه لا اعتكاف إلا في مسجد تجمع فيه الجمعة؛ لأن المقصود بالمساجد في الآية جنس معين منها, وهو المسجد الجامع (٤).

وقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعله, فلم يعتكف إلا في مسجده, وهو مسجد جامع (٥).

الدليل الثاني: عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: «السُنَّة على المعتكف أن لا يعود مريضا, ولا يشهد جنازة, ولا يمس امرأة, ولا يباشرها, ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه, ولا اعتكاف إلا بصوم, ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع» (٦).

وجه الاستدلال: أن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - ذكرت أن من شرط الاعتكاف أن يكون في مسجد جامع تصلى فيه الجمعة.

أدلة القول الثاني: القائلين بأنه يشترط المسجد الجامع إذا تخلل الاعتكاف يوم جمعة, وإلا فلا يشترط.

أ- أدلة جواز الاعتكاف في جميع المساجد إن لم يتخلل اعتكافه صلاة الجمعة:

الدليل الأول: قوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} (٧).


(١) المحلى ٣/ ٤٣٠.
(٢) بداية المجتهد ٢/ ٧٧، وينظر: عقد الجواهر الثمينة ١/ ٢٦٢.
(٣) سورة البقرة: آية: ١٨٧.
(٤) ينظر: الاستذكار ٣/ ٣٨٥.
(٥) ينظر: سبل السلام ١/ ٥٩٥.
(٦) سبق تخريجه صفحة (٦٢٧).
(٧) سورة البقرة: آية: ١٨٧.

<<  <   >  >>