للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو اختيار: الزَّيْلَعي (١) من الحنفية (٢)، وإسحاق بن راهَوِيْه (٣) (٤)، وهو اختيار الشيخ.

القول الثالث: إن كانت المسافة بين البلدين متقاربة لا تختلف المطالع لأجلها فحكمها حكم بلد واحد؛ فإذا رؤي الهلال في أحدهما وجب على أهل البلد الآخر الصيام، وإن تباعدا في المسافة لم يجب الصوم على أهل البلد الآخر.

وبه قال الشافعية في المعتمد عندهم في المذهب (٥).

سبب الخلاف: والسبب في اختلافهم: هو تعارض الأثر والنظر. أما النظر: فهو أن البلاد إذا لم تختلف مطالعها كل الاختلاف فيجب أن يحمل بعضها على بعض؛ لأنها في قياس الأفق الواحد. وأما الأثر: فحديث ابن عباس الذي سيأتي في أدلة القول الثاني والثالث (٦).

أدلة القول الأول: القائلين بأنه لا عبرة باختلاف المطالع.

الدليل الأول: قول الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٧).


(١) هو: عثمان بن علي بن محجن البارعي، فخر الدين أبو محمد الزّيْلَعي, الإمام العلامة الحنفي, قدم القاهرة سنة ٧٠٥ هـ فأفتى ودرّس، ونشر الفقه، وانتفع به الناس، وتوفي فيها سنة ٧٤٣ هـ, ودفن بالقرافة, من مصنفاته: تبيين الحقائق في شرح كنز الدقائق، وشرح الجامع الكبير. ينظر: الجواهر المضية ١/ ٣٤٥, الأعلام للزركلي ٤/ ٢١٠, حسن المحاضرة ١/ ٤٧٠.
(٢) تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ١/ ٣٢١، وحاشية ابن عابدين ٢/ ٣٩٣.
(٣) هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد, من بني حنظلة من تميم, أبو يعقوب المروزي, المعروف بابن راهويه, عالم خراسان في عصره, طاف البلاد لجمع الحديث، وأخذ عنه أحمد والشيخان, اجتمع له الفقه والحديث والحفظ والصدق والورع والزهد, استوطن نيسابور وتوفي بها سنة ٢٣٨ هـ. ينظر: تاريخ بغداد ٦/ ٣٤٥, سير أعلام النبلاء ١١/ ٣٥٨, تهذيب الكمال ٢/ ٣٧٣, الأعلام ١/ ٢٩٢.
(٤) ينظر: الإشراف لابن المنذر ٣/ ١١٢، الاستذكار ٣/ ٢٨٢، المجموع ٦/ ٢٧٤، المغني ٣/ ١٠٧.
(٥) المجموع ٦/ ٢٧٣، العزيز ٣/ ١٧٩، كفاية النبيه ٦/ ٢٤٧، مغني المحتاج ٢/ ١٤٤، وفيما يعتبر به: البعد والقرب عندهم ثلاثة أوجه: الأول: وهو أصحها، أن التباعد يختلف باختلاف المطالع. والثاني: الاعتبار باتحاد الإقليم واختلافه. والثالث: أن التباعد هو مسافة القصر والتقارب دونها. ينظر: المجموع ٦/ ٢٧٣.
(٦) ينظر: بداية المجتهد ٢/ ٥٠.
(٧) سورة البقرة: آية: ١٨٥.

<<  <   >  >>