للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: وعنه أيضا، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «الشهر تسع وعشرون ليلة، فلا تصوموا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين» (١).

الدليل الثالث: عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهلال فقال: «إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين» (٢).

وجه الاستدلال من الأحاديث: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالصوم للرؤية والإفطار لها في قوله: «صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته»، ونهى عن كل منهما عند عدمها في قوله: «لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه»، وأمرهم إذا كان غيم أو نحوه ليلة الثلاثين أن يكملوا العدة ثلاثين، ولم يأمرهم بالحساب، ولا بالرجوع إلى الحساب، بل حصر بطريق النفي والإثبات الشهر بالرؤية، فدل على أنه لا اعتبار شرعا لما سواها في إثبات الأهلة، وهذا تشريع من الله على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - عام للحاضر والباد، أبدا إلى يوم القيامة، ولو كان هناك أصل آخر للتوقيت لأوضحه لعباده؛ رحمة بهم، وما كان ربك نسيا" (٣).

الدليل الرابع: عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إنا أمة أُمِّيَّة (٤)، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا» يعني مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين (٥).

وجه الاستدلال: قال ابن تيمية (٦): "قوله: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب» هو خبر تَضمَّن نهيا. فإنه أخبر أن الأمة التي اتبعته -هي الأمة الوسط-، أُمِّيَّة لا تَكتُب ولا تَحسِب.


(١) رواه البخاري ٣/ ٢٧ رقم ١٩٠٧, كتاب الصوم, باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا».
(٢) رواه مسلم ٢/ ٧٦٢ رقم ١٠٨١, كتاب الصيام, باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال.
(٣) أبحاث هيئة كبار العلماء المجلد الثالث ٣/ ١٤، وينظر: إحكام الأحكام ٢/ ٨.
(٤) أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب، فهم على جبلتهم الأولى, وقيل للعرب: الأُمِّيُّون؛ لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أو عديمة. ينظر: النهاية ١/ ٦٨, تاج العروس ٣١/ ٢٣٧.
(٥) رواه البخاري برقم ١٩١٣ كتاب الصوم باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا نكتب ولا نحسب» , ومسلم برقم ١٠٨٠ كتاب الصيام باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال ...
(٦) هو: أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني الدمشقي, الإمام الفقيه المجتهد, أخذ الفقه عن والده, وغيره من العلماء, وتتلمذ عليه كثير من العلماء, منهم: ابن القيم, والذهبي, وابن كثير, من مصنفاته: كتاب درء تعارض العقل والنقل, ومنهاج السنة, توفي سنة ٧٢٨ هـ. ينظر: الذيل على طبقات الحنابلة ٤/ ٤٩١, المنهج الأحمد ٥/ ٢٤, الأعلام العلية في مناقب ابن تيمية ص ١٦.

<<  <   >  >>