للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما لم يُكتفى بشهادة الواحد في سائر الحقوق، لمَعاني أخرى غير موجودة هنا: كالتُهْمَة، وغير ذلك (١).

الدليل الثاني: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: تَراءى (٢) الناس الهلال, «فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته؛ فصام وأمر الناس بصيامه» (٣).

وجه الاستدلال من الحديث: أن ابن عمر أخبر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الناس بالصيام بسبب رؤيته؛ لأنه ذكر ذلك بحرف الفاء, التي تفيد السببية، ولأنه لم يذكر شيئا غير رؤيته؛ والأصل عدمه, ولأنه ذكر سببا وحُكْما؛ فيجب تعليقه به دون غيره (٤).

الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال؛ يعني رمضان، فقال: «أتشهد أن لا إله إلا الله؟ » قال: نعم. قال: «أتشهد أن محمدا رسول الله؟ » قال: نعم. قال: «يا بلال، أَذِّن في الناس فليصوموا غدا» (٥).

وجه الاستدلال: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتفى بشهادة الأعرابي وابن عمر كل على انفراده فدل على أن شهادة الواحد مقبولة في إثبات هلال رمضان (٦).


(١) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ١٣٨، والكواكب الدراري ٢٥/ ١٥.
(٢) أي: تكلفوا النظر إليه هل يرونه أم لا؟ . ينظر: النهاية ٢/ ١٧٧، وتاج العروس ٣٨/ ١١٤.
(٣) رواه أبو داوود ٤/ ٢٩ رقم ٢٣٤٢, كتاب الصوم, باب في شهادة الواحد على رؤيا هلال رمضان، وقال شعيب الأرنؤوط: "إسناده صحيح"، والدارمي ٢/ ١٠٥٢ رقم ١٧٣٣, كتاب الصوم باب الشهادة على رؤية هلال رمضان، والبيهقي في السنن الكبرى ٤/ ٣٥٧ رقم ٧٩٧٨, في الصيام باب الشهادة على رؤية هلال رمضان, وصححه الألباني إرواء الغليل ٤/ ١٦ رقم ٩٠٨.
(٤) ينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ١٣٩، وينظر: شرح الزركشي على الخرقي ٢/ ٦٢٦، ومعالم السنن ٢/ ١٠٢.
(٥) أخرجه أبو داود ٢/ ٣٠٢ رقم ٢٣٤٠, كتاب الصوم, باب في شهادة الوافد على رؤية هلال رمضان؛ والترمذي ٣/ ٦٥ رقم ٦٩١, أبواب الصيام, باب ما جاء في الصوم بالشهادة؛ والنسائي ٤/ ١٣٢ رقم ٢١١٢, كتاب الصيام, باب قبول شهادة الرجل الواحد على هلال شهر رمضان؛ وابن ماجه ١/ ٥٢٩ رقم ١٦٥٢, في الصيام, باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال, وضعفه الألباني في الإرواء ٤/ ١٥ رقم ٩٠٧.
(٦) ينظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح ٥/ ١٥٨٢، وينظر: شرح عمدة الفقه كتاب الصيام ١/ ١٤١، سبل السلام ١/ ٥٦١، نيل الأوطار ٤/ ٢٢٢.

<<  <   >  >>