للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويحتاج تعمق في العلم والاحاطة بعلوم شرعية جمة. ولذا يجب ألا تصدر الفتوى إلا من العلماء، بل والعلماء الربانيين خاصة، حيث هم أولى بها ممن دونهم في العلم. فكيف لهؤلاء الذين لا علاقة لهم بالعلوم الشريعة وبمجرد قراءة قليل من الكتب يتصدروا للفتوى لمتابعيهم فيهلكوا أنفسهم ويضلوا الناس. وقد حذر القرآن من التقوّل عليه بدون علم، فقال تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْولًا) (١). وقال في سورة يوسف: (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ) (٢). قال ابن كثير فيه تفسيرها أي يقين وبرهان شرعي وعقلي (٣). ولا يخفى على أحد أن القول على الله بغير علم كبيرة من كبائر الذنوب، لقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ) (٤).

الدوافع للقول على الله بغير علم:

من الأمور التي تدفع الناس لارتكاب هذه الكبيرة ما يلي:

• حب الظهور والشهرة في مواقع التواصل الإجتماعي وشبكات الانترنت.

• الجهل بأنها كبيرة من الكبائر تستوجب العقاب. بل هناك بعض أصحاب النيات الحسنة قاموا بها لهداية الناس، وذلك لجهلهم بعقوبتها.

• بدوافع بعض الأغراض الدنيوية مثل زيادة عدد المشاهدات في قنوات اليوتيوب لتحصيل مال أكثر.

• التسرع في إطلاق الاحكام دون بحث جاد.

• الأخذ من مصادر غير موثوق بها.

نشر فتاوي خاطئة من منظور مقاصد القرآن:

- نشر فتاوى خاطئة إن كان من جهل فهو قول على الله بغير علم وهو كبيرة تتناقض مع مقصد إصلاح الإعتقاد وتعليم العقد الصحيح ومقصد التشريع.


(١) سورة الإسراء، آية ٣٦.
(٢) سورة يوسف، آية ١٠٨.
(٣) أبو الفداء، إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (ت ٧٧٤ هـ)، تفسير القرآن العظيم، الطبعة الثانية، تحقيق سامي بن محمد السلامة، دار طيبة للنشر والتوزيع، ١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م، ٤/ ١٢٢.
(٤) سورة الأعراف، آية ٣٣.

<<  <   >  >>