للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السابع: إنتشار المخدرات والترويج لها وتسهيل شراءها عبر الإنترنت]

لقد سهلت تقنية المعلومات إمكانية الحصول على المخدرات. ولما كانت المخدرات كالخمر لأثرها في تغييب العقل فقد حرمها علماء الأمة وتكلم عن أضرارها الجمع الغفير منهم مثل سعيد ابن مسفر ومحمد المختار الشنقيطي ومحمد صالح المنجد ومجلة البحوث الإسلامية وغيرهم. وقد تغيرت الأحوال من الماضي وأصبح اليوم بيع وشراء المخدرات ميسراً، بل وأصبحت بعض الدول ومن ضمنها أمريكا تسمح لمواطنيها بشراء واستخدام بعض هذه المخدرات. وقد ظهر الأثر المدمر لهذا القرار على بعض المدن الأمريكية وشوارعها، حيث ظهرت مشاهد لم تُرى من قبل كزيادة عدد الأشخاص بلا مأوى، وزيادة الاوساخ، وروائح فضلات الناس في بعض الطرقات، ومناظر المدمنين وهم يرقدون على الطرقات في أوضاع مخجلة، وملابسهم متدلية لا تكاد تستر عوراتهم، ويقفون كالأصنام في أوضاع غريبة وغير منطقية كانهم في عالم آخر، وأمور تزري لها العين … وكأن لسان حالهم يذكرنا بقوله تعالى: (أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) (١). فعجبا لهذه الدولة العظمى كيف بدأ التحول فيها يظهر في غضون أعوام من السماح بإستعمال بعض أنواع المخدرات فيها. ولكن لا عجب بعد قول ربنا : (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (٢). فلا شيء يدوم، لا قوة ولا عز ولا مال. ويبقى الملك لله وحده الذي يتصرف فيه كيف يشاء.

تعريف مصطلح المخدرات:

وقد أطلق بعض الفقهاء على اسم المخدر اسم (المفسد). وعرف القرافي المخدر بقوله: «هو المشوش للعقل، مع عدم السرور الغالب، كالبنج» والمخدرات: جمع مخدر، وهو مأخوذ من الخدر، وهو الضعف والكسل والفتور (٣). وقد بين الإسلام أهمية العقل في عدة مواضع، مثل قوله تعالى: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَك بِهِ عِلم إنَّ السَّمَعَ والبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئولا)، وقوله: (قُلْ هَاتُوا بُرْهانَكُمْ إن كُنْتُمْ صادِقين).


(١) سورة الفرقان، آية ٤٤.
(٢) سورة آل عمران، آية ١٤٠.
(٣) دبيان الدبيان، ١٤٣٢، كتاب المعاملات المالية أصالة معاصرة، المبحث الثاني: البيوع المنهي عنها دفعا للضرر عن المسلم، الفرع الخامس في النهي عن بيع المخدرات، جزء ٥، صفحة ١٠٥.

<<  <   >  >>