للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: شرح مقصد القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم]

والمقصد الخامس عند ابن عاشور هو القصص وأخبار الأمم السالفة للتأسي بصالح أحوالهم (١). وفي ذلك تسلية للنبي والمؤمنين وترسيخ للإيمان في قلوبهم، وتثبيتهم بما يذكر فيها من ابتلاء الأمم السابقة وعواقب الظالمين وانتصار الله لعباده المؤمنين. قال تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا القرآن وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ) (٢). وفي القصص عبرة للناس، حيث تحسهم على التوبة قبل أن يحل بهم ما حل بالأمم السابقة، التي رأت العذاب وأُغلِقت أبواب التوبة دونها. فقد قال تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) (٣). والاعتبار بمن سبق طريق لتفادي العقاب.

فوائد القصص القرآني عند ابن عاشور:

إن للقصص القرآني فوائد عظيمة، أهمها العظة والعبرة للناس. قال تعالى: (وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ) (٤). وذكر ابن عاشور عشر فوائد للقصص القرآني، هي:

• ان قصارى علم أهل الكتاب في ذلك العصر كان معرفة أخبار الأنبياء وأيامهم وأخبارهم، فاشتمال القرآن على تلك القصص بمثابة تحدي لهم.

• أن من أدب الشريعة معرفة تاريخ سلفها في التشريع من الأنبياء بشرائعهم.

• الإستفادة بما فيها من فائدة التاريخ من معرفة ترتيب المسببات على أسبابها في الخير، والشر، والتعمير، والتخريب.

• الإستفادة بما فيها من موعظة المشركين بما لحق الأمم التي عاندت رسلها.

• أن في حكاية القصص سلوك أسلوب التوصيف والمحاورة الذي لم يكن معهوداً عند العرب وكان شديد التأثير على النفوس.

• أن العرب بتوغل الأمية والجهل فيهم أصبحوا لا تهتدي عقولهم إلا بما يقع تحت الحس.

• تعويد المسلمين على معرفة سعة العالم وعظمة الأمم لدفع الغرور عنهم.


(١) مقدمة التحرير والتنوير، الطاهر بن عاشور، الطاهر ابن عاشور، جزء ١، صفحة ٣٨.
(٢) سورة يوسف، آية ٣.
(٣) سورة الحشر، آية ٢.
(٤) سورة العنكبوت، آية ٤٣.

<<  <   >  >>