للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[المقدمة]

الحمد لله رب العالمين، أحمده حمداً كثيراً طيباً مُباركاً فيه، وأُثني عليه ثناءً يليق بجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأستعين به في أموري كُلِّها، وأستغفره وأتوب إليه، وأتوكل عليه وأنيب إليه. فإليه يؤول خوفي وأمني، وفرحي وحزني، وأملي ورجائي، وذلي وخضوعي، ومحبتي وهنائي. وأصلِّى وأسلم على حبيبي محمد - صلى الله علسه وسلم، سيد الأولين والآخرين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، وأشرف الخلق أجمعين. كما أصلِّي وأسلم على آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الميامين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد، فقد إخترت موضوع هذه الأطروحة في نماذج من تقنية المعلومات وأنظمتها الحديثة من منظور مقاصد القرآن الكريم عند ابن عاشور، لبحث ونقاش إستخدامات تقنية المعلومات وأنظمتها الحديثة، ما يرد وما يقبل وما يحتاج لتفصيل منها حسب نوع إستعمالها. وهو موضوع مهم في عصرنا الحالي لإنتشار آثاره على مجتمعاتنا الإسلامية. ورغم الإستخدامات السيئة التي إنتشرت لهذه التقنية لاسيما في بلادنا العربية، فقد استفادت دول العالم منها جل الإستفادة ووظفتها لراحة شعوبها وتقدمهم. فكان حرى بالمسلمين أن يستغلوها بما يوافق مقاصد القرآن الكريم، والتي من أعظمها إصلاح الأحوال الفردية والجماعية وإعمار الارض وحفظ نظامها لراحة الأنسان، ليتمكن من عبادة الله وإستخلافه في الارض وقيامه بما ينفع الناس. فالإسلام ليس ضد إعمار الارض، ولم يطلب منا الله تعالى أن نترك أعمال الدنيا التي تسهل على العباد حياتهم والسعي في أرزاقهم لأجل توفير لقمة العيش التي تعينهم على العبادة. بل شجعنا الرسول للسعي في طلب الرزق والكسب الحلال. قال : (أن داود النبي ، كان لا يأكل إلا من عمل يده) (١). ودين الإسلام دين سمح وسهل، ليس فيه تشديد ولا تضييق، بل هو دين الفطرة. وقد وافقت تعاليمه مصالح الناس والتيسير عليهم. قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (٢). وقد إخترت تقنية المعلومات كمثال لعمل نموذج عملي تطبيقي في موضوع مقاصد القرآن الكريم. فمادة مقاصد القرآن الكريم من أهم ما يجب العناية به، لأنها تمثل الخطوط العريضة التي يرشدنا إليها القرآن الكريم وأفضل ما يساعدنا على فهم مراد الله ﷿ من كتابه العزيز،


(١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، جزء ٣، صفحة ٥٧، حديث رقم ٢٠٧٣. كتاب صحيح البخاري، أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بردزبه البخاري الجعفي، صحيح البخاري، طبعة السلطانية، بالمطبعة الكبرى الأميرية، ببولاق مصر، ١٣١١ هـ.
(٢) سورة الحج، آية ٨٧.

 >  >>