للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[وصية أخيرة وخاتمة]

أوصي نفسي وجميع أمة محمد بالرجوع إلى الله وطرق بابه، فبابه لا يزال مفتوح، وهو الصبور الشكور. فلنرجع إليه بالتوبة والاستغفار. ولنطرق باب حبه، فحبه جنة من لم يدخلها لم يذق أحلى ما في الدنيا. نطمع فيها وفي رضاه وعفوه، وأن يقبلنا في عباده الصالحين. وألا يجعل ما يجري حولنا فتنة لنا، ويجعل هذه التقنية خير معين لنا للوصول، وسبيل لنا لقطع المسافات البعيدة للقرب من عبوديته جل في علاه. كلنا خطاؤون وكلنا مذنبون، ولكن ما يفرقنا هو ما في القلوب، ماذا تحمل أنت أيها القارئ في قلبك لله؟ إن كان فقط خوف ورجاء فاعلم أنك لم تصل بعد. وكلنا لم نصل بعد، ولكن بحمد الله لا نزال سائرين إليه. فهيا معاً نواصل السير، فإن وقعت فقم، وواصل السير، ولا تيأس. وليكن حافزنا قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (١)، وقوله: (قُلْ يَاعِبَادِىَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (٢). كلنا نتحسر على ضياع السنين بعيداً عن حبه وطاعته، ولكن عزاءنا أنه لا يزال هناك وقت، ولم يزل في العمر بقية، والحمد لله لا يزال بابه مفتوح وهو ينادي: هل من منادي فأجبه؟ هل من مستغفر فاغفر له؟ فلبي نداءه وأجبه بدعاء خير البرية: "اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك أنا بك وإليك تباركت وتعاليت استغفرك وأتوب إليك". ولم يزل للحديث بقية، ولكن لابد لكل كتاب بداية وخاتمة. ربِ إني استودعتك عملي هذا فاحفظه من كل رياء وزلَّة وبِدعة وفِتنة، وأهدي به قلوب عميت وأجيال ضاعت في غمار الفتن، أنت وكيلنا ومولانا، فأحفظنا واحفظ بلادنا وبلاد المسلمين من كل عدو كائد، وكل صديق خائن، وكل حاكم جائر، وكل فتنة ظاهرة وباطنة، ومن فتنة الدهيماء التي نعيشها اليوم، تماماً كما أخبر بها نبيك الصدوق. نشهد أنه بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد فيك حق جهادك. نسألك اللهم مرافقته في الجنة، وشفاعته يوم الحساب، وأن تسقينا من حوضه شربة لا نظمأ بعدها أبداً. ونسألك اللهم أن ترينا وجهك الكريم وأنت ضاحكٌ إلينا وراضٍ عنا، وأن تقبضنا إليك غير فاتنين ولا مفتونين، وترحمنا برحمتك يا أرحم الراحمين. سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، وآخر دعوانا إن الحمد لله ربِ العالمين.


(١) سورة العنكبوت، آية ٦٩.
(٢) سورة الزمر، آية ٥٣.

<<  <   >  >>