للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: السرقات الالكترونية]

من الجرائم المنتشرة بكثرة عبر وسائل تقنية المعلومات والمواقع الإلكترونية السرقات الالكترونية. ولها عدة صور تنتهي بأخذ مال أو معلومات أو صور خاصة أو أوراق رسمية أو أي عرض من ممتلكات المستخدم دون إذنه وقبوله. ورغم أن المسروق هنا يكون شيء معنوي عادة (أي غير محسوس)، إلا أنه لا يزال نوع من السرقة التي حرمها الله. وذلك لأن السارق يأخذ ما لغيره بدون حق ولا إذن، بطرق ملتوية وغير مقبولة. وهذا فعل محرم وربما يدخل في باب السرقة التي هي من كبائر الذنوب وتستوجب الحد. قال تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (١). وقد فرض الله حد السرقة ليكون رادع ومانع لآفة السرقة، بحيث إذا طُبِّق على بعض الافراد يردع البقية ممن توسوس له نفسه بهذه الجريمة في المستقبل فينتهي عنها. فينعم بعدها المجتمع بالأمن والسلامة من هذه الآفة. ولذلك لم يتهاون الرسول في تطبيق هذا الحد مهما كان. وعندما حاول أسامة بن زيد الشفاعة في المرأة المخزومية التي سرقت نهاه الرسول عن ذلك؛ لعلمه بأن التهاون في إقامة الحد سيضعف أثره في ردع الناس ويرجع إنتشار السرقة من جديد. وجاء هذا في حديث عروة ، حيث قال: (أن امرأة سرقت في عهد رسول الله في غزوة الفتح ففزع قومها إلى أسامة بن زيد يستشفعونه، قال عروة: فلما كلمه أسامة فيها تلون وجه رسول الله فقال: أتكلمني في حد من حدود الله؟! قال أسامة: استغفر لي يا رسول الله. فلما كان العشي قام رسول الله خطيبا، فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فإنما هلك الناس قبلكم؛ أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) (٢).


(١) سورة المائدة، آية ٣٨.
(٢) أخرجه الألباني في صحيح النسائي (٤٩١٨) وصححه.
٢ سبتمبر ٢٠٢٢ م
منال أبو العزائم

<<  <   >  >>