للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب السادس: تسهيل البحث عن العمل والكسب الحلال]

إن العمل والكسب الحلال من الأعمال التي يحث عليها ديننا الحنيف، الذي يذم التسول والمتسولين. وقد حرم الله كل طرق الكسب الحرام كالسرقة وقطع الطريق، وجعل الكسب الحلال يُحمَد عليه الإنسان ويُرفَع به شأنه. كما فيه من الترويح والتسلية وملأ الفراغ ما فيه. وكذلك طموحات النجاح المبنية في نفوس معظم الناس بالفطرة تُشجع على العمل. قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْارض حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (١). وقال: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَإنتشروا فِي الْارض وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٢). وكان الأنبياء يكسبون من عمل أيديهم. فقد رعى سيدنا محمد الغنم، كما عمل بالتجارة. وعمل سيدنا داوود بصناعة الدروع ومهنة الحدادة. وقد جاء في الحديث الشريف: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه) (٣). والكسب الحلال يغني الانسان من التسول المذموم في الإسلام. فقد قال رسول الله : (ما يزال الرجل يسأل الناس، حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم) (٤). والتسول يهدر كرامة الإنسان بين الناس ويشقي السائل بإراقة ماء وجهه، وشعوره بأنه في مكان اليد السفلى. ينتظر من يتفضّل عليه، وربما أعطاه الناس مع المنَّ والإذلال وربما منعوه وزجرُّوه وطردُّوه. ولذا كان الأفضل للإنسان أن يحصن نفسه وأولاده بالعمل والكسب الطيب ويوفر بعض ماله للمستقبل وللحوادث التي تحصل فجأة. ولذا نهى


(١) سورة البقرة، آية ١٦٨.
(٢) سورة الجمعة، آية ١٠.
(٣) أخرجه الترمذي (٢٤١٧)، والدارمي (٥٣٧) باختلاف يسير، والبيهقي في المدخل إلى السنن الكبرى (٤٩٤) واللفظ له، وأخرجه الألباني في سنن الترمذي (٢٤١٧) عن أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد وقال حسن صحيح.
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه، عن عبد الله بن عمر، كتاب الزكاة، باب كراهة المسألة للناس، جزء ٢، صفحة ٧٢٠، حديث رقم ١٠٤٠. وأخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب من سأل الناس تكثرا، جزء ٢، صفحة ١٢٣، حديث رقم ١٤٧٤.

<<  <   >  >>