الحمد لله الذي جعل العلم النافع طريقًا موصلًا لرضاه، وصراطًا يتبعه من أراد هداه، ويحيد عنه من ضل واتبع هواه، {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ}[القصص: ٥٠]، ونشهد أن لا إله إلا الله، رفع شأن العلم وأهله حتى وصلوا من المجد إلى منتهاه، ومن العز أعلى ذراه، فمن سلك طريقًا يبتغي فيه علمًا؛ سهل الله له به طريقًا إلى جنته وعلاه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الهداة التقاة، ومن سار على نهجه إلى يوم لقاه.
أما بعد: فهذا شرح كتاب التوحيد بحلته الجديدة، وطبعته الثالثة، وقد ضمنته فرائد من الفوائد، واجتهدت فيه بذكر مقاصد الأبواب، ومناسبتها لعنوان الكتاب، وارتباط الباب بالباب، كما حرصت أن يكون متميزًا يجد فيه الطالب الجديد، ويحظى فيه بمقاصد التوحيد.
وقد كنت شرحته مرارًا وطبع الشرح للمرة الأولى عام ١٤٢٩ هـ، ثم لم أزل أنظر فيه وأزيد وأضيف تحرير بعض المسائل والحكم على بعض الأحاديث مع التخريج على طريقة المدار، وأمضيت في ذلك سنوات، تم فيها مراجعة جميع شروح كتاب التوحيد المطبوعة، وبذلت وسعي ليكون هذا الشرح خلاصة لهذه الشروح المطبوعة، وزبدة لما ذكره أهل العلم على كتاب التوحيد، رغبة في تقريب مقاصد هذا الكتاب لطالبه، وحرصًا على أن يجد الراغب بغيته من كتاب التوحيد، وسميته:«غاية المريد شرح كتاب التوحيد» سائلًا الله الكريم أن يبارك فيه، وأن ينفع به، ويجزي خيرًا كل من شارك في إخراجه وسعى في نشره وتعميم فائدته.