«وَكُلُّ مَوْضِعٍ قُصِدَتِ الصَّلَاةُ فِيهِ فَقَدِ اتُّخِذَ مَسْجِدًا»: هذا دليل تأكيدي على إثبات أن مجرد الصلاة إلى القبور يعني اتخاذها مساجد، وإن لم يكن هنالك مساجد مبنية على القبور، أو قبور مبنية على المساجد.
وماذا يُعمل بالمساجد المبنية على قبور الصالحين؟ وهل تصح الصلاة فيها؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:«فهذه المساجد المبنية على قبور الأنبياء والصالحين والملوك وغيرهم يتعين إزالتها بهدم أو بغيره، هذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء المعروفين، وتُكْرَه الصلاة فيها من غير خلاف أعلمه، ولا تصح عندنا في ظاهر المذهب؛ لأجل النهي واللعن الوارد في ذلك»(١).
وهنا تنبيه مهم:
وهو أن من لم يستطع الإنكار أو ترتب على إنكاره مفاسد كبيرة، فهو معذور بذلك ولا يلزمه إنكار ولا يلحقه إثم لقول الله تعالى:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}[البقرة: ٢٨٦]، وقوله تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦].
وحينئذ عليه أن يعلم الناس العقيدة الصحيحة ويأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن ما يضاده، بالرفق واللين والحجاج المقنع والبرهان الساطع، وما يدري لعل الله بذلك يفتح قلوبًا عميًا وآذانًا صمًّا.