للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - السحر الحقيقي: وهو ما يؤثر في بدن المسحور، وهو واقعٌ عقلًا وحسًّا، وأثبته أهل السنة خلافًا للمعتزلة (١).

قال السعدي - رحمه الله -: «وجه إدخال السحر في أبواب التوحيد أن كثيرًا من أقسامه لا يتأتى إلَّا بالشرك والتوسل بالأرواح الشيطانية إلى مقاصد الساحر، فلا يتم للعبد توحيد حتى يدع السحر كله قليله وكثيره» (٢).

هل للسحر حقيقة؟ وهل هذه الحقيقة تقلب الأعيان أو هي تأثير في المزاج؟

الجواب: مذهب جمهور أهل السُّنة والجماعة، أنَّ للسحر حقيقة، وخالف في ذلك أبو حنيفة فيما يُروى عنه، والمعتزلة كما حكاه عنهم الرازي، وذكر أنهم يكفرون من اعتقد وجوده (٣).

قال ابن قدامة: «ولولا أن للسحر حقيقة، لم يأمر بالاستعاذة منه» (٤)، وروت عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُحِر حتى إنَّه ليخيل إليه أنه يفعل الشيء وما يفعله، وإنه قال لها ذات يوم: «أَتَانِي رَجُلَانِ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَيَّ وَالْآخَرُ عِنْدَ رَأْسِي، فَقَالَ الَّذِي عِنْدَ رِجْلَيَّ لِلَّذِي عِنْدَ رَأْسِي: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مَطْبُوبٌ - يَعْنِي مَسْحُورًا - قَالَ: وَمَنْ طَبَّهُ؟ قَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ، قَالَ: وَفِيمَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ فِي مُشْطٍ وَمُشَاقَةٍ تَحْتَ رَعُوفَةٍ فِي بِئْرِ ذَرْوَانَ ... » الحديث (٥).


(١) ينظر: المعلم بفوائد مسلم للمازري (٣/ ١٥٨)، وشرح مسلم للنووي (١٤/ ١٧٤).
(٢) القول السديد ص (٧٤).
(٣) مفاتيح الغيب (٣/ ٦٢٥).
(٤) الكافي في فقه الإمام أحمد (٤/ ٦٤).
(٥) أخرجه البخاري (٥/ ٢٢٥٢) رقم (٥٧١٦)، ومسلم (٤/ ١٧١٩) رقم (٢١٨٩).

<<  <   >  >>