ومناسبة الآثار للباب: أن فيها بيان رأي الصحابة المذكورين في أن الساحر يُقْتَل مطلقًا من غير استتابة ولا تفصيل، وهذا يدل على خطورة السحر، وأنه من أعظم الكبائر (١).
وقد اختلف العلماء في قتل الساحر على عدة آراء:
الرأي الأول: قتل الساحر كفرًا:
وهؤلاء قالوا: إن السحر كفر، والساحر يقتل بكل حال، ولا تُقْبَل توبته؛ لأن الله تعالى سمى السحر كفرًا بقوله تعالى:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}[البقرة: ١٠٢]، ولأن حقيقة السحر لا بد أن يكون فيه إشراك بالله تعالى، والمشرك مرتد يحل دمه وماله.
وهذا قول حفصة، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وابن شهاب، وسالم بن عبد الله، ومالك، وأحمد، وإسحاق.
الرأي الثاني: التفصيل، فيقتل ردةً إذا كان سحره بشرك، وحدًّا إذا لم يكن بشرك، وأدى لقتل معصوم.
الرأي الثالث: يقتل إذا كان سحره كفرًا ويعزر إذا كان دون ذلك:
وهؤلاء قالوا: لا يقتل الساحر إذا لم يكن سحره كفرًا، اللهم إلا أن يقتل أحدًا بسحره ويقر بذلك، فحينئذٍ يقتل به قودًا. وهذا قول الشافعي وداود.
(١) ينظر: الملخص في شرح كتاب التوحيد ص (٢٠٣)، والجديد في شرح كتاب التوحيد ص (٢٢٨).