للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ الله، قَالَ: الشركُ الخَفِيُّ، يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ». رَوَاهُ أَحْمَدُ.



وللحديث شاهد عن محمود بن لبيد عند ابن خزيمة (١) بلفظ: «أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَشِرْكَ السَّرَائِرِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا شِرْكُ السَّرَائِرِ؟ قَالَ: «يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ جَاهِدًا لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَذَلِكَ شِرْكُ السَّرَائِرِ»، وإسناده قوي.

«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي» أي: عند الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - من رحمته بالمؤمنين يخاف عليهم كل الفتن، وأعظم فتنة في الأرض هي فتنة المسيح الدجال، لكن خوف النبي - صلى الله عليه وسلم - من فتنة هذا الشرك الخفي أشد من خوفه من فتنة المسيح الدجال، وإنما كان كذلك؛ لأن التخلص منه صعب جدًّا؛ ولذلك قال بعض السلف: «ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص» (٢).
«قَالَ: الشركُ الخَفِيُّ» سُمِّيَ الرياء شركًا خفيًّا؛ لأن صاحبه يظهر أن عمله لله، ويخفي في قلبه أنه لغيره، وإنما تَزَيَّنَ بإظهاره أنه لله، بخلاف الشرك الجلي (٣).
«يَقُومُ الرَّجُلُ فَيُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلَاتَهُ» يعني: بتطويلها، وزيادة الخشوع فيها؛ ليعتقد فيه من يراه أنه من أهل الدين والصلاح (٤).

<<  <   >  >>