مقصود الترجمة بيان خطورة الشرك، فإنه لَمَّا ذكر في الأبواب السابقة فضل التوحيد وتحقيقه ناسب أن يذكر ما يضاده وهو الشرك بالله؛ لأن الشيء يُعْرَفُ بضده، وقديمًا قيل: ضِدَانِ لَمَّا استَجمَعَا حَسُنَا ... وَالضِّدُّ يُظْهِرُ حُسْنَهُ الضِّدُّ وأراد المصنف أن يبين أيضًا أَنَّ العبد مهما بلغ من الإيمان فإنه لا يأمن على نفسه الفتنة، فقد يقع في الشرك وهو لا يعلم، وقد يقع فيه لضعفٍ أو عجزٍ أو مصلحة أو رهبة ونحو ذلك. وقوله: «بَابُ الخَوْفِ مِنَ الشركِ» أي: باب وجوب الخوف من الشرك، والشرك يعم الأكبر والأصغر؛ لأن كلمة (الشرك) جاءت محلاة بـ (ألـ)، فتشمل نوعي الشرك. «وَقَوْلِ الله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}» هذه الآية بينت أن كل صاحب ذنب تحت مشيئة الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه عليه، ما لم يكن ذنبه شركًا بالله. قال ابن الجوزي - رحمه الله -: «والمراد من الآية لا يغفر لمشرك مات على شركه، وفي قوله: (لمن يشاء) نعمة عظيمة من وجهين: أحدهما: أنها تقتضي أن كل ميت على ذنب دون الشرك لا يقطع عليه بالعذاب وإن مات مُصِرًّا.