حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في الصحيحين (١)، كما أشار المؤلف. قوله: «لَا عَدْوَى»: هذا حمله العلماء على أحد وجهين: الأول: أن المقصود بذلك إضافة الأشياء إلى القدر: أي لا يعدي شيءٌ شيئًا بذاته مستقلًا عن قدر الله، بل كل ذلك يجري بقدر الله وقضائه. والثاني: أن هذا مخصوص، ويراد به شيء دون شيء: أي لا عدوى إلا من الجذام والبرص والجرب، فهذه هي التي تكون فيها العدوى دون سواها. والصواب القول الأول (٢).
كيف الجمع بين حديث: «لاَ عَدْوَى» وحديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ»؟ قال البيهقي وابن الصلاح، وابن القيم، وابن رجب، وابن مفلح وغيرهم: إن قوله: «لا عَدْوَى» أي: على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى، وأن هذه الأمراض تعدي بطبعها. وأمَّا حديث: «فِرَّ مِن الْمَجْذُومِ» فهو من قبيل الأخذ بالأسباب الشرعية؛ ولهذا قال: «فِرَّ مِن المجْذُومِ، كَمَا تَفِرُّ مِن الْأَسَدِ» (٣).