للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن إن حلفت على أمر مستقبل بناء على غلبة الظن فتبيَّن خلافه، فقيل: فيه كفارة، وقيل: ليس فيه كفارة، وهو الصحيح، كما لو حلفت على أمر ماض فليس فيه كفارة.

مثاله: لو قلت: والله، لَيَقْدَمَن زيد غدًا. بناء على ظنك، فلم يقدم، فالصحيح أنه لا كفارة عليك، لأنك حلفت على ما في قلبك وهو حاصل، كأنك تقول: والله، إن هذا هو ظني، والمقصود هل يجوز لك أن تحلف على ما في ظنك؟

الجواب: نعم، يجوز بدليل قصة المجامع زوجته في نهار رمضان.

وقوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} جاءت بعد أن ذكر اليمين والكفارة والحنث، فما المراد بحفظ اليمين: هل هو في الابتداء أو في الانتهاء أو الوسط؟ أي: هل المراد: لا تكثروا الحلف بالله؟ (ابتداءً) أو المراد: إذا حلفتم فلا تحنثوا؟ (في الوسط) أو المراد: إذا حلفتم فحنثتم فلا تتركوا الكفارة؟ (انتهاء).

قاعدة في النص الذي يحتمل عدة معان

الجواب: المراد كلها، فتشمل أحوال اليمين الثلاثة، ولهذا جاء المؤلف بها في هذا الباب؛ لأن من معنى حفظ اليمين عدم كثرة الحلف، وإليك قاعدة مهمة في هذا: وهي أن النص من القرآن أو السنة إذا كان يحتمل عدة معانٍ لا ينافي بعضها بعضًا ولا مرجح لأحدها، وجب حمله على المعاني كلها.

والمراد بعدم كثرة الحلف: ما كان معقودًا ومقصودًا، أما ما يجري على اللسان بلا قصد، مثل: لا والله، وبلى والله، في عرض الحديث، فلا مؤاخذة فيه، لقوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩] (١).


(١) انظر: القول المفيد ٢/ ٤٥٤ - ٤٥٥.

<<  <   >  >>