للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما المذموم فأن يقع منه أو عليه أمر لا يحبه فيقول: لو أني فعلت كذا لكان كذا، فهذا من عمل الشيطان؛ لأنه يتضمن محذورين:

أحدهما: أنها تفتح عليه باب الندم والسخط والحزن الذي ينبغي له إغلاقه، وليس فيه نفع.

الثاني: أن في ذلك سوء أدب مع الله، فإن الأمور كلها والحوادث دقيقها وجليلها بقضاء الله وقدره، وما وقع من الأمور فلا بد من وقوعه، ولا يمكن رده، فكان في قوله: لو كان كذا أو لو فعلت كذا كان كذا، نوع اعتراض، وفيه ضعف بالإيمان بقضاء الله وقدره، ولا ريب أن هذين الأمرين المحذورين لا يتم للعبد إيمان ولا توحيد إلا بتركهما.

و(لو) بالمعنى المذموم تأتي على عدة أوجه:

الوجه الأول: أن تستعمل في الاعتراض على الشرع، وهذا محرم، قال الله تعالى: {لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} [آل عمران: ١٦٨] نزلت في غزوة أحد حينما تخلف في أثناء الطريق عبد الله بن أبي في نحو ثلث الجيش، فلما استشهد من المسلمين سبعون رجلًا اعترض المنافقون على تشريع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وقالوا: لو أطاعونا ورجعوا كما رجعنا ما قتلوا، وهذا محرم وقد يصل إلى الكفر.

الثاني: أن تستعمل في الاعتراض على القدر، وهذا محرم أيضًا، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} [آل عمران: ١٥٦]، أي: لو أنهم بقوا ما قتلوا، فهم يعترضون على قدر الله.

<<  <   >  >>