فهنا نفي وإثبات، وهما يدلان على الحصر والقصر والاختصاص (١)، وهذا يدل على أن الخشية يجب أن تكون لله خالصة. والمراد بالخشية في الآية خشية المحبة والتعظيم والعبادة والطاعة، ولا محالة أن الإنسان يخشى غيره ويخشى المحاذير الدنياوية، وينبغي أن يخشى في ذلك كله قضاء الله وتصريفه. «والخشية نوع من الخوف، لكنها أخص منه، والفرق بينهما: ١) أن الخشية تكون مع العلم بالمخشي وحاله؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: ٢٨]، والخوف قد يكون من الجاهل. ٢) أن الخشية تكون بسبب عظمة المخشي، بخلاف الخوف؛ فقد يكون من ضعف الخائف لا من قوة المخوف» (٢). ودلالة الآية على مقصود الترجمة: هو أن الخشية خوفٌ مقرونٌ بعلم, وجعلها الله - عز وجل - من وصف عامري مساجد الله مدحًا لهم بعد أن نفاها عن المشركين, فهي من عبادات المؤمنين التي يتقربون بها إلى الله، وصرف العبادة لغير الله شرك. وقوله: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} الآية، دلالة الآية على مقصود الترجمة: أنها تتضمن ذمَّ من جعل فتنة الناس كعذاب الله؛ فيترك الواجب عليه لخوفه منهم أن ينالوه بما يكره, وذلك من جملة الخوف من غير الله (٣).