و«تحقيق التوحيد: تخليصه من الشرك، ولا يكون إلا بأمور ثلاثة: الأول: العلم؛ فلا يمكن أن تحقق شيئًا قبل أن تعلمه، قال الله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩]. الثاني: الاعتقاد، فإذا علمت ولم تعتقد موجب ما علمت، لم تحقق التوحيد، قال الله تعالى عن الكافرين: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: ٥] يتعجبون ممن يعتقد انفراد الله بالألوهية. الثالث: الانقياد، فإذا علمت واعتقدت ولم تنقد، لم تحقق التوحيد، قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (٣٥) وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: ٣٥ - ٣٦] فإذا حصل هذا وحقق التوحيد; فإن الجنة مضمونة له بغير حساب» (١). «وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}» مناسبة الآية للباب: من جهة أن الله تعالى وصف إبراهيم عليه السلام بهذه الصفات الجليلة التي هي أعلى درجات تحقيق التوحيد ترغيبًا في اتباعه في التوحيد (٢). ومعنى {كَانَ أُمَّةً} أي: قدوةً وإمامًا معلمًا للخير، وما ذاك إلا لتكميله مقامي الصبر واليقين اللذين تنال بهما الإمامة في الدين.