للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«لَا تَسُبُّوا الرِّيحَ» أي: لا تشتموها ولا تلعنوها للحوق ضرر فيها؛ فإنها مأمورة مقهورة، فلا يجوز سبها، بل تجب التوبة عند التضرر بها وهو تأديب من الله تعالى لعباده، وتأديبه رحمة للعباد (١).

«فَإِذَا رَأَيْتُمْ مَا تَكْرَهُونَ» أي: من الريح: إما شدة حرها، أو بردها، أو قوتها (٢).

«فقولوا: اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح» قالت عائشة: «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا عَصَفَتِ الرِّيحُ، قَالَ: اللهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَهَا، وَخَيْرَ مَا فِيهَا، وَخَيْرَ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهَا، وَشَرِّ مَا فِيهَا، وَشَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ. قَالَتْ: وَإِذَا تَخَيَّلَتِ السَّمَاءُ، تَغَيَّرَ لَوْنُهُ، وَخَرَجَ وَدَخَلَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا مَطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِى وَجْهِهِ. قَالَتْ عَائِشَةُ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: لَعَلَّهُ يَا عَائِشَةُ كَمَا قَالَ قَوْمُ عَادٍ {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} [الأحقاف: ٢٤]» (٣).

ونستفيد من هذا الحديث مشروعية هذا الدعاء عند الريح، وأن الذي ينبغي عند رؤية الخيال التخوف أن يكون عقوبة وأن الفرح المطلق غير مشروع كما عليه الكثير من الناس عندما تتخيل السماء.

قوله: «وَخَيْرِ مَا فِيهَا»، أي: من منافعها كلها؛ لأنها قد تحمل خيرًا، كتلقيح الثمار، وقد تحمل رائحة طيبة الشم، وقد تحمل شرًّا، كإزالة لقاح الثمار والأمراض التي تضر الإنسان والبهائم.


(١) تيسير العزيز الحميد ص (٥٨١).
(٢) تيسير العزيز الحميد ص (٥٨٢).
(٣) أخرجه مسلم ٢/ ٦١٦ رقم (٨٩٩)، وأصله في البخاري ٣/ ١١٧٢ رقم (٣٠٣٤).

<<  <   >  >>