والقصة التي ساقها المؤلف هنا عن ابن عباس في هذا الأثر باطلة من وجوه:
الوجه الأول: أنه ليس في ذلك خبر صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا من الأخبار التي لا تتلقى إلا بالوحي، وقد قال ابن حزم عن هذه القصة: إنها رواية خرافة مكذوبه موضوعة.
الوجه الثاني: أنه لو كانت هذه القصة في آدم وحواء، لكان حالهما إما أن يتوبا من الشرك أو يموتا عليه، فإن قلنا: ماتا عليه، كان ذلك أعظم من قول بعض الزنادقة:
إذا ما ذكرنا آدما وفعاله ... وتزويجه بنتيه بابنيه بالخنا
علمنا بأن الخلق من نسل فاجر ... وأن جميع الناس من عنصر الزنا
فمن جوز موت أحد من الأنبياء على الشرك فقد أعظم الفرية، وإن كانا تابا من الشرك، فحكمة الله ورحمته تقتضي عدم ذكر خطئهما بعدما تابا، فيمتنع غاية الامتناع أن يذكر الله الخطيئة من آدم وحواء وقد تابا، ولم يذكر توبتهما، والله تعالى إذا ذكر خطيئة بعض أنبيائه ورسله ذكر توبتهم منها كما في قصة آدم نفسه حين أكل من الشجرة وزوجه وتابا من ذلك.
الوجه الثالث: أن الأنبياء معصومون من الشرك باتفاق العلماء.
الوجه الرابع: أنه ثبت في حديث الشفاعة أن الناس يأتون إلى آدم يطلبون منه الشفاعة، فيعتذر بأكله من الشجرة، وهو معصية، ولو وقع منه الشرك، لكان اعتذاره به أقوى وأولى وأحرى.