«كتابُ التَّوحيدِ» الملاحظ هنا أنَّ المؤلف ترجم بكتاب وما بعده كلها أبواب؛ وليس مع هذا الكتاب كتب أخرى، ومن حيث الترتيب المنهجي للتأليف كان الأولى أن تكون الترجمة هنا بالباب؛ ويؤكد ذلك أنَّ المؤلف أجراه مجرى الأبواب فسرد فيه النصوص، وذكر تحتها المسائل؛ ولذلك اختلفت الآراء حول هذه الترجمة: فبعضهم جعلها عنوانًا عامًّا للكتاب، فجاء في بعض الطبعات: «باب قول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}»، وهذا ليس بجيد؛ لأن عنوان الكتاب المشهور: «كتاب التوحيد الذى هو حق الله على العبيد»، ويسمى اختصارًا (كتاب التوحيد). وبعضهم يرى أن هذه الترجمة قامت مقام خطبة الكتاب، يقول السعدي - رحمه الله -: «هذه الترجمة تدل على مقصود هذا الكتاب من أوله إلى آخره؛ ولهذا استغني بها عن الخطبة، أي أن هذا الكتاب يشتمل على توحيد الألوهية والعبادة بذكر أحكامه، وحدوده وشروطه، وفضله وبراهينه، وأصوله وتفاصيله، وأسبابه وثمراته ومقتضياته، وما يزداد به ويقويه، أو يضعفه ويوهيه، وما به يتم أو يكمل» (١). وبعض الشراح قدَّر لهذه الترجمة معنًى، فقال: (كتاب التوحيد) أي وجوب التوحيد (٢)؛ استنباطًا من النصوص التي تحت الترجمة.