مقصود الترجمة بيان أَنَّ التوكل -الذي هو الاعتماد المطلق- عبادة من العبادات التي تصرف لله تعالى، وهو من أعظم العبادات، ومن أعلى مقامات التوحيد، وصَرْفُه لغير الله تعالى شركٌ أكبر مخرجٌ عن الملة. ومناسبة الباب لكتاب التوحيد: هو أَنَّ التوكل عبادةٌ يجب صرفها لله وحده، والتوكل على غير الله يعد قدحًا في التوحيد، بل نقضًا له، ووقوعًا في الشرك بالله تعالى (١). ومناسبة الباب للأبواب السابقة: أَنَّ المصنف بدأ الباب السابق بالخوف من الله، والذي قبله بمحبة الله، ثم ثَلَّثَ بهذا الباب المتعلق بالتوكل، وهذه الأشياء الثلاثة يجمعها أنها من أعظم أعمال القلوب المرتبطة بعبادة الله تعالى، ولذلك ناسب أن يذكرها متتابعة على هذا النسق. والتوكل: هو الاعتماد على الله في جلب المنافع، ودفع المضار. قال السعدي - رحمه الله -: «التوكل على الله من أعظم واجبات التوحيد والإيمان، وبحسب قوة توكل العبد على الله يقوى إيمانه، ويتم توحيده» (٢). قوله: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} مناسبة الآية لمقصود الترجمة من وجهين: الأول: أن هذه الآية أمرت بالتوكل على الله وحده، ودلت على وجوبه، وأنه عبادة تصرف لله وحده، وصرفها لغيره شركٌ.