للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما سبب النَّهي عن الاستنجاء برجيع الدابة أو العظم؟

اختلف في ذلك، فقيل: لأنَّ رجيع الدواب والعظام جُعلا رزقًا للجن، والاستنجاء بهما يفسده عليهم، ولهذا جاء النهي عن ذلك (١).

ودليل هذا القول: حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ، وَلَا بِالْعِظَامِ، فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ» (٢).

وقيل: إنَّ رجيع الدواب والعظام لا ينقيان محل النجاسة؛ لهذا جاء النهي عن الاستنجاء بهما (٣).

ودليل هذا القول: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: «إِنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَهَى أَنْ يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ أَوْ عَظْمٍ, وَقَالَ: إِنَّهُمَا لَا تُطَهِّرَانِ» (٤).

ويمكن الجمع بين القولين، فيقال: إنَّ النهي يشمل الأمرين جميعًا، وإن كان القول الأول أظهر وأشهر، والله أعلم.

«فَإِنَّ مُحَمَّدًا بَرِيءٌ مِنْهُ» «أي: بريءٌ من فعله، وقاله بهذه الصيغة ليكون أبلغ في الزجر» (٥).

واعترض بعضهم على هذا التأويل، بأنه بعيد، وخلاف ظاهر الحديث؛ لأن الضمير في: «مِنْهُ» يعود إلى (مَنْ) في قوله: «مَنْ عَقَدَ لِحْيَتَهُ» (٦).


(١) ينظر: معالم السنن (١/ ٢٧)، وشرح سنن أبي داود للنووي ص (١٨٩).
(٢) أخرجه مسلم (١/ ٣٣٢) رقم (٤٥٠)، والترمذي في جامعه (١/ ٣٠) رقم (١٨) واللفظ له.
(٣) ينظر: تيسير العزيز الحميد ص (١٣٩).
(٤) أخرجه الدارقطني في سننه (١/ ٨٨) رقم (١٥٢)، وقال: «إسناد صحيح».
(٥) شرح سنن أبي داود للنووي ص (١٩٢).
(٦) ينظر: فتح المجيد ص (١٣٢)، وقرة عيون الموحدين ص (٦١).

<<  <   >  >>