حديث عائشة في الصحيحين (١) أشار إليه المصنف بقوله: (وَلَهُمَا). «أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا» فيه إشكال؛ لأن فيهم من هو أشد من المصورين ذنبًا، كالمشركين والكفار، وقد أجيب عن ذلك بوجوه: الأول: أن الحديث على تقدير (مِن)، أي: من أشد الناس عذابًا، بدليل أنه قد جاء ما يؤيده بلفظ: «إن من أشد الناس عذابًا». الثاني: أن الأشدية لا تعني أن غيرهم لا يشاركهم، بل يشاركهم غيرهم، قال تعالى: {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٦]. الثالث: أن الأشدية نسبية، يعني أن الذين يصنعون الأشياء ويبدعونها أشدهم عذابًا الذين يضاهئون بخلق الله، وهذا أقرب. الرابع: أن هذا من باب الوعيد الذي يطلق لتنفير النفوس عنه. «الَّذِينَ يُضَاهِئُونَ بِخَلْقِ الله»: أي يشابهون بما يصنعونه ما يصنعه الله (٢). وهذا فيه تنبيه على العلة، وهي المضاهاة بخلق الله (٣). فالحكمة من تحريم التصوير ما فيه من محاكاة ومضاهاة لخلق الله، ومحاولة التشبه بصفة من صفات الله، وهي الخلق، وقد تفرد الله سبحانه بذلك، وهناك حكمة أخرى من تحريم التصوير، وهي: أن التصوير وسيلة إلى تعظيم الأشخاص الذي قد يؤدي إلى الشرك.