للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرأي الثاني: أنها ليست بتصوير؛ لأن التصوير فعل المصور، وهذا الرجل ما صورها في الحقيقة وإنما التقطها بالآلة، والتصوير من صنع الله، ولعل هذا القول أقرب للصواب.

الحال الرابعة: أن يكون التصوير لما لا روح فيه، وهذا على نوعين:

النوع الأول: أن يكون مما يصنعه الآدمي، فهذا لا بأس به بالاتفاق، مثل أن يصور الإنسان سيارته، فهذا يجوز؛ لأن صنع الأصل جائز، فالصورة التي هي فرع من باب أولى.

النوع الثاني: ما لا يصنعه الآدمي وإنما يخلقه الله، فهذا نوعان: نوع نامٍ، ونوع غير نامٍ، فغير النامي، كالجبال، والأودية، والبحار، والأنهار، فهذه لا بأس بتصويرها بالاتفاق، أما النوع الذي ينمو كالأشجار والزروع، فاختلف في ذلك أهل العلم، فجمهور أهل العلم على جواز تصويره.

وذهب بعض أهل العلم من السلف والخلف إلى منع تصويره، واستدل بأن هذا من خلق الله عز وجل، والحديث عام: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي» (١)، ولأن الله عز وجل تحدى هؤلاء بأن يخلقوا حبة أو يخلقوا شعيرة، والحبة أو الشعيرة ليس فيها روح، لكن لا شك أنها نامية، وعلى هذا، فيكون تصويرها حرامًا، وقد ذهب إلى هذا مجاهد - رحمه الله - أعلم التابعين بالتفسير، وقال: إنه يحرم على الإنسان أن يصور الأشجار، لكن جمهور أهل العلم على الجواز» (٢)، وهو ما تدل عليه الأدلة.


(١) أخرجه البخاري ٥/ ٢٢٢٠ رقم (٥٦٠٩)، ومسلم ٣/ ١٦٧١ رقم (٢١١١).
(٢) القول المفيد ٢/ ٤٣٨ - ٤٤١.

<<  <   >  >>