للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بابُ مَنْ حَقَّقَ التَّوْحِيدَ دَخَلَ الجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ



مقصود الترجمة: بيان عظم درجة من حَقَّقَ التوحيد؛ ولَمَّا كان الباب السابق في فضل التوحيد، ناسب أن يذكر هنا تحقيق التوحيد؛ لأن الشيء لا يحصل كمال فضله إلا بكمال تحقيقه. وتحقيق التوحيد قدرٌ زائدٌ على بيان ماهيته.
وعلاقة هذا الباب بالذي سبقه: أن ذاك يتعلق بمن وَحَّدَ الله ولم يشرك بالله، ولكن قد يكون عنده بعض المعاصي والبدع الإضافية، فهذا قد يغفر الله له ذنوبه، ويدخله الجنة ابتداءً، وقد يعذبه بقدر خطاياه، ثم يدخل الجنة.
وأما هذا الباب فيختص بمن وَحَّدَ الله حق التوحيد، ولم يشرك به شيئًا، وسَلِمَ من شوائب المعاصي والذنوب ونحوها، فهذا له مرتبةٌ أعلى، ويدخل الجنة بغير حساب.
وذهب بعض الشراح إلى أن هذا الباب تكميل للباب الذي قبله وتابع له. فإن تحقيق التوحيد تهذيبه وتصفيته من الشرك الأكبر والأصغر، ومن البدع القولية الاعتقادية، والبدع الفعلية العملية، ومن المعاصي، وذلك بكمال الإخلاص لله في الأقوال والأفعال والإرادات، وبالسلامة من الشرك الأكبر المناقض لأصل التوحيد، ومن الشرك الأصغر المنافي لكماله، وبالسلامة من البدع والمعاصي التي تكدر التوحيد، وتمنع كماله وتعوقه عن حصول آثاره (١).
والأقرب أن الباب السابق في فضل من أتى بأصل التوحيد، وهذا الباب في فضل من أتى بالتوحيد الكامل، فيكون السابق عامًّا، وهذا خاص.

<<  <   >  >>