مقصود الترجمة: بيان السبب الذي من أجله وقع الناس في الشرك بالله تعالى وهو الغلو في الصالحين بمجاوزة الحد في حقهم قولًا أو فعلًا أو اعتقادًا، وهذا أصل الشرك قديمًا وحديثًا. و«مناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن المصنف - رحمه الله - لَمَّا بَيَّنَ بعض ما يفعله عُبَّاد القبور مع الأموات من الشرك المضاد للتوحيد أراد في هذا الباب أن يُبَيِّنَ السبب في ذلك؛ لِيُحْذَر ويُجْتَنَب وهو الغلو في الصالحين» (١). والمؤلف - رحمه الله - لما انتهى في الأبواب السابقة من أنواع الشرك الأصغر والأكبر، والأدلة على بطلان ذلك، أراد أن يشرع في ذكر الأسباب المؤدية إلى هذا الإشراك بالله، والذرائع المفضية إلى الكفر به سبحانه، وهذا في غاية المناسبة؛ فإنه شروعٌ في الأسباب والذرائع، بعد ذكر الأصول والعقائد (٢).
«والناس في معاملة الصالحين ثلاثة أقسام: أهل الجفاء الذين يهضمون حقوقهم ولا يقومون بحقهم من الحب والموالاة لهم. وأهل الغلو الذين يرفعونهم فوق منزلتهم التي أنزلهم الله بها. وأهل الحق الذين يحبونهم ويوالونهم ويقومون بحقوقهم الحقيقية ولكنهم يبرؤون من الغلو فيهم وادعاء عصمتهم» (٣).