للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ إِلَى رَسُولِ الله? ، وَقَدِ ارْتَحَلَ وَرَكِبَ نَاقَتَهُ، فَقَالَ: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَتَحَدَّثُ حَدِيثَ الرَّكْبِ نَقْطَعُ بِهِ عَنَاءَ الطَّرِيقِ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُتَعَلِّقًا بِنِسْعَةِ نَاقَةِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَإِنَّ الحِجَارَةَ تَنْكُبُ رِجْلَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، فَيَقُولُ لَهُ رَسُولُ الله? : {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} الآيَة, مَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ وَمَا يَزِيدُهُ عَلَيْهِ.



من سب الله أو رسوله هل له توبة؟
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أنها لا تقبل، وهو المشهور عن الحنابلة.
والقول الثاني: أنها تقبل إذا علمنا صدق توبته إلى الله، وأقر على نفسه بالخطأ، وهو اختيار ابن تيمية وشيخنا ابن عثيمين.
وهذا القول هو الأقرب؛ إلا أن ساب الرسول - صلى الله عليه وسلم - تقبل توبته ويجب قتله، بخلاف من سب الله، فإنها تقبل توبته ولا يقتل؛ لأن الله أخبرنا بعفوه عن حقه إذا تاب العبد إليه بأنه يغفر الذنوب جميعًا.
فإن قيل: أليس قد ثبت أن من الناس من سب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقبل منه وأطلقه؟
أجيب: بلى، هذا صحيح لكن هذا في حياته - صلى الله عليه وسلم -، وقد أسقط حقه، أما بعد موته، فلا ندري يسقطه أم لا؟
وخلاصة المقصود من هذا الباب: أن المستهزئ بشيء فيه ذكر الله أو القرآن أو الرسول مستخف بجناب الربوبية والرسالة وذلك، قدح في أصل التوحيد، ولا يصدر مثل هذا ممن حقق التوحيد، فكان الواجب الحذر من ذلك في حال الجد والمزح؛ لأن حكمهما واحد في هذا الباب.

<<  <   >  >>