للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ قَوْلِ الله تَعَالَى:

{يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} الآية.



مقصود الترجمة: التحذير من سوء الظن بالله، والتنبيه على وجوب حسن الظن به سبحانه؛ لأن ذلك من واجبات التوحيد، ولذلك ذم الله من أساء الظن به؛ لأن مبنى حسن الظن على العلم برحمة الله وعزته وإحسانه وقدرته وعلمه، وقد ينشأ حسن الظن من مشاهدة بعض هذه الصفات، وبالجملة فمن قام بقلبه حقائق معاني أسماء الله وصفاته، قام به من حسن الظن ما يناسب كل اسم وصفة (١).
ووجه مناسبة الباب لكتاب التوحيد: هو أَنَّ سوء الظن بالله من جانبٍ متعلقٌ بتوحيد الربوبية؛ لأنه عدم ثقة بأفعال الله وأخباره وأقواله، ومن جانبٍ آخر يتعلق بتوحيد الأسماء والصفات، فإن سوء الظن بالله ناتج عن عدم إيمان بأسماء الله وصفاته، قال الله تعالى عن المشركين: {وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: ٢٢، ٢٣]. فجعل سوء ظنهم بسبب ضعف إيمانهم بعلم الله. ومن جانبٍ ثالث يتعلق بتوحيد الألوهية؛ لأن عبادة غير الله، أو إشراك غيره معه هو سوء ظن به، قال إبراهيم عليه السلام: {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ (٨٦) فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الصافات: ٨٦، ٨٧] (٢).

<<  <   >  >>