للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} الآية [النساء: ٣٦].



وطريقة القرآن «أن يقرن النفي بالإثبات، فينفي عبادة ما سوى الله ويثبت عبادته، وهذا هو حقيقة التوحيد، والنفي المحض ليس بتوحيد، وكذلك الإثبات بدون النفي؛ فلا يكون التوحيد إلا متضمنًا للنفي والإثبات» (١).
والقضاء: في قوله: {وَقَضَى رَبُّكَ} قضاء شرعي؛ لأن «قضاء الله عز وجل ينقسم إلى قسمين:
١ - قضاء شرعي. ٢ - قضاء كوني.
فالقضاء الشرعي: يجوز وقوعه، وقد يقع وقد لا يقع، ولا يكون إلَّا فيما يحبه الله، مثال ذلك: هذه الآية {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣]؛ فتكون قضى بمعنى شرع.
والقضاء الكوني: لا بدَّ من وقوعه، ويكون فيما يحبه الله، وفيما لا يحبه، مثال ذلك قوله تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء: ٤]» (٢).
وقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} الآية، يقول ابن كثير - رحمه الله - في تفسير هذه الآية: «يأمر تبارك وتعالى بعبادته وحده لا شريك له؛ فإنه هو الخالق الرازق المنعم المتفضل على خلقه في جميع الآنات (٣) والحالات، فهو المستحق منهم أن يوحدوه، ولا يشركوا به شيئًا من مخلوقاته» (٤).

<<  <   >  >>