للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية [الإسراء: ٢٣].



وقد دلت الآية أيضًا على وجوب الكفر بما يعبد من دون الله، وهو الشرط الثاني من شروط كلمة التوحيد (لا إله إلا الله)، وقد سبق الحديث عن هذه الشروط في شروح سابقة (١).
والطاغوت في قوله تعالى: {وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} مشتق من الطغيان، وهو: مجاوزة الحَدِّ في كل شيء.
وقد عرفه ابن القيم - رحمه الله - بقوله: «الطاغوت: كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع؛ فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله؛ فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا من عبادة الله إلى عبادة الطاغوت» (٢).
والآية دالة على إجماع الرسل عليهم الصلاة والسلام على الدعوة إلى التوحيد، وأنهم أرسلوا به (٣).
وقوله: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية، أي: أَمَر وألزم وأوجب أن يفرد سبحانه وتعالى وحده بالعبادة.
وهذه الآية أفادت حصر العبادة لله وحده بطريق النفي والإثبات، مقررةً بذلك معنى (لا إله إلا الله)، فقوله: {أَلَّا تَعْبُدُوا} في معنى (لا إله)، وقوله: {إِلَّا إِيَّاهُ} في معنى (إلا الله).

<<  <   >  >>