للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«فَلْيَخْلُقُوا ذَرَّةً» (اللام) للأمر، والمراد به التحدي والتعجيز، والذرة: مفرد ذَر، وهي النمل الصغار (١).

«أَوْ لِيَخْلُقُوا حَبَّةً أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» «(أو) للتنويع؛ أي: انتقل من التحدي بخلق الحيوان ذي الروح إلى خلق الحبة التي هي أصل الزرع من الشعير وغيره وليس لها روح» (٢).

«ويستفاد من هذا الحديث، وهو ما ساقه المؤلف من أجله: تحريم التصوير؛ لأن المصور ذهب يخلق كخلق الله ليكون مضاهيًا لله في صنعه، والتصوير له أحوال:

الحال الأولى: أن يصور الإنسانُ ما له ظل مما له روح، أي: ما له جسم على هيكل إنسان أو بعير أو أسد أو ما أشبهها، فهذا أجمع العلماء فيما أعلم على تحريمه، فإن قلت: إذا صور الإنسان لا مضاهاة لخلق الله، ولكن صور عبثًا، يعني: صنع من الطين أو من الخشب أو من الأحجار شيئًا على صورة حيوان وليس قصده أن يضاهي خلق الله، بل قصده العبث أو وضعه لصبي ليهدئه به، فهل يدخل في الحديث؟

فالجواب: نعم: يدخل في الحديث، لأنه خلق كخلق الله، ولأن المضاهاة لا يشترط فيها القصد، وهذا هو سر المسألة، فمتى حصلت المضاهاة ثبت حكمها، ولهذا لو أن إنسانًا لبس لبسًا يختص بالكفار ثم قال: أنا لا أقصد التشبه بهم.


(١) ينظر: حاشية كتاب التوحيد ص (٣٧١)، والقول المفيد (٢/ ٤٣٦).
(٢) القول المفيد (٢/ ٤٣٧).

<<  <   >  >>