للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي حِمَايِةِ المُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - جَنَابَ التَّوْحِيدِ

وَسَدهِ كُلَّ طَرِيقٍ يُوصِلُ إِلَى الشركِ

وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.



مقصود الترجمة: إبراز حماية النبي - صلى الله عليه وسلم - لمقام التوحيد من كل ما ينقضه أو ينقصه، وسد الذرائع المؤدية إلى الشرك بالله تعالى (١).
وأما مناسبة الباب للأبواب قبله فهي في غاية الوضوح والظهور؛ إذ إن الأبواب السابقة عُقِدَت لبيان الأسباب المؤدية إلى الشرك، وهذا الباب عُقِدَ أيضًا لهذا الغرض، ولكن الأبواب السابقة كانت خاصةً، ً بجزئيةٍ معينةٍ في موضوع ذرائع الشرك، وأما هذا الباب فهو عام في حماية جناب التوحيد بكل ما تحمله هذه العبارة من معنى؛ ولذلك فصنيع المؤلف هنا هو من باب التعميم بعد التخصيص، وهذا أسلوبٌ عربيٌّ بلاغيٌّ قرآنيٌ، ومنه قوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ} (٢) الآية [النبأ: ٣٨] (٣).
{لَقَدْ جَاءَكُمْ}: الخطاب للعرب، أي جاءكم أيها القوم، رسول الله إليكم، {مِّنْ أَنفُسِكُمْ}: أي هو بشر مثلكم، تعرفونه، وهو عربي كما أنكم من العرب، وأنتم تعرفونه، وقد وقفتم على مذهبه، فهو أوكد لإقامة الحجة عليكم؛ لأنكم تفهمون عمن هو مثلكم ولم يكن من غيركم؛ فتتهموه على أنفسكم في النصيحة لكم.

<<  <   >  >>