للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ}: أي: يعز عليه عنتكم، وهو دخولكم في المشقة، وحصول المكروه والأذى لكم (١).

{حَرِيصٌ عَلَيْكُم}: أي: شديد الحرص على هدايتكم، وحريص على دخولكم الجنة، وحريص عليكم أن تؤمنوا، وحريص على توبتكم ورجوعكم إلى الله (٢).

{بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}: تقديم المؤمنين بالذكر يفيد التخصيص، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر والاختصاص، أي أن الرأفة والرحمة خاصة بالمؤمنين دون الكافرين، وأما الرحمة العامة فهو عليه الصلاة والسلام رحيم بالمسلم والكافر، ومن رحمته بالكفار حرصه على دعوتهم وهدايتهم؛ ولذلك أمثلة كثيرة في السنة.

والرؤوف: معناه المبالغ في الشفقة، والمعنى: شديد الرأفة والرحمة بالمؤمنين، فهو أرحم بهم من والديهم؛ فيرأف بالمطيعين ويرحم المذنبين (٣).

«ووجه الدلالة من الآية أنه - صلى الله عليه وسلم - يعز عليه كل ما يؤثم الأمة ويشق عليهم، وأعظم ما يؤثم الأمة ويشق عليهم الشرك بالله قليله وكثيره ووسائله وما يقرب منه من كبائر الذنوب، وقد بالغ - صلى الله عليه وسلم - في النهي عن الشرك وأسبابه أعظم مبالغة كما لا يخفى، وقد كانت هذه حال أصحابه - رضي الله عنهم - في قطعهم الخيوط التي رقي للمريض فيها ونحو ذلك من تعليق التمائم» (٤).


(١) ينظر: معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٢/ ٤٧٧)، وتفسير الطبري (١٢/ ٩٦).
(٢) ينظر: تفسير الطبري (١٢/ ٩٦)، وتفسير القرطبي (٨/ ٣٠٢).
(٣) ينظر: المحرر الوجيز لابن عطية (٣/ ١٠٠)، وتفسير البغوي (٤/ ١١٦).
(٤) قرة عيون الموحدين ص (١١٨).

<<  <   >  >>