للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ الله تَعَالَى:

{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي} الآية.



«مقصود الترجمة: أن كل من زعم أن ما أوتيه من النعم والرزق فهو بكده وحذقه وفطنته، أو أنه مستحق لذلك لما يظن له على الله من الحق، فإن هذا مناف للتوحيد؛ لأن المؤمن حقا من يعترف بنعم الله الظاهرة والباطنة ويثني على الله بها، ويضيفها إلى فضله وإحسانه، ويستعين بها على طاعته، ولا يرى له حقا على الله، وإنما الحق كله لله، وأنه عبد محض من جميع الوجوه، فبهذا يتحقق الإيمان والتوحيد، وبضده يتحقق كفران النعم، والعُجْب بالنفس والإدلال الذي هو من أعظم العيوب» (١).
ومناسبة الباب لكتاب التوحيد: أن الإنسان إذا أضاف النعمة إلى عمله وكسبه؛ ففيه نوع من الإشراك بالربوبية، وإذا أضافها إلى الله، لكنه زعم أنه مستحق لذلك، وأن ما أعطاه الله ليس محض تفضل، لكن لأنه أهل؛ ففيه نوع من التَّعلِّي والترفع في جانب العبودية.
{وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ}: الضمير يعود على الإنسان، والمراد به الجنس. وقيل: المراد به الكافر. والظاهر أن المراد به الجنس (٢).
{لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي}: فلا يشكر الله عز وجل ويعترف بنعمته، بل ينسب هذه النعمة إليه هو وإلى كده وكسبه، أو إلى آبائه وأجداده، وهذا كفر بنعمة الله وإعجاب بالنفس.

<<  <   >  >>