للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والقسم على الله يأتي على أنواع:

الأول: أن يقسم على ما أخبر الله به ورسوله من نفي أو إثبات، فهذا لا بأس به، وهذا دليل على يقينه بما أخبر الله به ورسوله، مثل: والله، ليُشفِّعنَّ الله نبيه في الخلق يوم القيامة، ومثل: والله، لا يغفر الله لمن أشرك به.

الثاني: أن يقسم على ربه لقوة رجائه وحسن الظن بربه، فهذا جائز لإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك في قصة الرُّبَيِّع بنت النضر عمة أنس بن مالك - رضي الله عنه - «حينما كسرت ثنية جارية من الأنصار، فاحتكموا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقصاص، فعرضوا عليهم الصلح، فأبوا، فقام أنس بن النضر، فقال: أتكسر ثنية الربيع؟ والله يا رسول الله لا تكسر ثنية الربيع. وهو لا يريد به رد الحكم الشرعي، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: يا أنس! كتاب الله القصاص» (١)، يعني: السن بالسن. قال: «والله، لا تكسر ثنية الرُّبَيِّع»، وغرضه بذلك أنه لقوة ما عنده من التصميم على أن لا تكسر ولو بذل كل غال ورخيص أقسم على ذلك، فلما سمع القوم ذلك، رضوا وعفوا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره».

القسم الثالث: أن يكون الحامل له هو الإعجاب بالنفس، وتحجُّر فضل الله - عز وجل - وسوء الظن به تعالى، فهذا محرم، وهو وشيك أن يحبط الله عمل هذا المقسم، وهذا القسم هو الذي ساق المؤلف الحديث من أجله (٢).


(١) أخرجه البخاري ٢/ ٩٦١ رقم (٢٥٥٦)، ومسلم ٣/ ١٣٠٢ رقم (١٦٧٥).
(٢) انظر: القول المفيد ٢/ ٤٩٨، بتصرف.

<<  <   >  >>