للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (لَا يُسْأَلُ بِوَجْهِ الله) اختلف في المراد بذلك على رأيين:

الرأي الأول: أن المراد: لا تسألوا أحدًا من المخلوقين بوجه الله، فإذا أردت أن تسأل أحدًا من المخلوقين، فلا تسأله بوجه الله، لأنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة، والخلق لا يقدرون على إعطاء الجنة، فإذًا لا يسألون بوجه الله مطلقًا.

الرأي الثاني: أنك إذا سألت الله، فإن سألت الجنة وما يستلزم دخولها، فلا حرج أن تسأل بوجه الله، وإن سألت من أمور الدنيا، فلا تسأله بوجه الله؛ لأن وجه الله أعظم من أن يسأل به شيء من أمور الدنيا.

فأمور الآخرة تسأل بوجه الله، كقولك مثلًا: أسألك بوجهك أن تنجيني من النار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذ بوجه الله لما نزل قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ}، قال: أعوذ بوجهك، {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ}، قال: أعوذ بوجهك، {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: ٦٥]، قال: هذه أهون أو أيسر (١).

ولو قيل: إنه يشمل المعنيين جميعًا، لكان له وجه.

«بِوَجْهِ الله»: وجه الله جل جلاله صفة ذات من صفاته سبحانه، وهو غير الذات (٢).


(١) أخرجه البخاري ٤/ ١٦٩٤ رقم (٤٣٥٢) من حديث جابر بن عبد الله.
(٢) التمهيد لشرح كتاب التوحيد ص (٥٢٧).

<<  <   >  >>