للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال: «لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» (١)، وقال في الطاعون: «فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلَا يَقْدَمَنَّ عَلَيْهِ» (٢)، وكل ذلك بتقدير الله تعالى، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟ » يشير إلى أن الأول إنما جرِب بقضاء الله وقدره.

فيكون أمره بالفرار من المجذوم ونهيه عن إيراد الممرض على المصح، وعن الدخول إلى موضع الطاعون، من باب اجتناب الأسباب التي خلقها الله تعالى، وجعلها أسبابًا للهلاك والأذى، والعبد مأمور باتقاء أسباب الشر إذا كان في عافية، فكما أنه يؤمر أن لا يلقي نفسه في الماء أو في النار أو تحت الهدم أو نحو ذلك، فكذلك يشرع له اجتناب مقاربة المريض كالمجذوم، وقدوم بلد الطاعون؛ فإن هذه كلها أسباب للمرض والتلف، والله تعالى هو خالق الأسباب ومسبباتها لا خالق غيره.

«وَلَا طِيَرَةَ»: الطيرة من التطير وهي معروفة، وقد مرت معنا سابقًا.

«وَلَا هَامَةَ»: (الهامة): هو طائر كبير يضعف بصره بالنهار, ويطير بالليل, ويصوت فيه, ويقال له: بوم, والعرب يتشاءمون بصوته، ويسمونه: (الصَّدَى)

وكانوا يقولون: إن روح القتيل الذي لا يدرك ثأره يصير هامة, وتقول: اسقوني اسقوني, فإذا أدرك ثأره طارت (٣).


(١) أخرجه مسلم (٤/ ١٧٤٣) رقم (٢٢٢١).
(٢) أخرجه البخاري (٦/ ٢٥٥٧) رقم (٦٥٧٣)، ومسلم (٤/ ١٧٣٧) رقم (٢٢١٨).
(٣) ينظر: الإفصاح عن معاني الصحاح (٦/ ١٩٠)، وتحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (٣/ ١٨٢).

<<  <   >  >>