«أَنْ لَا يَبْقَيَنَّ فِي رَقَبَةِ بَعِيرٍ» كلمة (لَا يَبْقَيَنَّ): نهي مؤكَّد بنون التوكيد الثقيلة، والأصل في النهي التحريم. وقوله: «رَقَبَةِ بَعِيرٍ» البعير: يطلق على الذكر والأنثى من الإبل، وجمعه أبعرة، وأَباعِرُ، وبُعْرانٌ (١). وقوله: «رَقَبَةِ بَعِيرٍ» خرج مخرج الغالب؛ لأن الغالب عند العرب تعليق بعض الأشياء على رقبة البعير يعتقدون أنها تدفع العين عنه؛ ولذلك فالنهي يشمل التعليق على البعير أو غيره، وسواء كان التعليق على الرقبة أو أي موضع. «قِلادَةٌ مِنْ وَتَرٍ، أَوْ قِلادَةٌ» شك من الراوي، والأولى أرجح؛ لأن القلائد كانت تتخذ من الأوتار، ويعتقدون أن ذلك يدفع العين عن البعير، وهذا اعتقاد فاسد؛ لأنه تعلُّق بما ليس بسبب، والتعلق بما ليس بسبب شرعي أو حسي شرك؛ لأنه بتعلقه أثبت للأشياء سببا لم يثبته الله لا بشرعه ولا بقدره، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تقطع هذه القلائد. أما إذا كانت هذه القلادة من غير وتر، وإنما تستعمل للقيادة كالزمام؛ فهذا لا بأس به لعدم الاعتقاد الفاسد (٢). وقوله: «وَتَرٍ» المراد به وتر القوس، وقد كان الناس يقلدون الإبل أوتارًا لئلا تصيبها العين بزعمهم، فأمروا بقطعها إعلامًا بأن الأوتار لا ترد من أمر الله شيئًا (٣).