للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولعن الولد لوالديه قد يكون من باب التسبب، وذلك بأن يلعن والد رجلٍ آخر، فيرد عليه هذا فيسب والده، وقد فسَّر ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - في خبر سب الرجل والديه، حيث قال: «إِنَّ مِنْ أَكْبَرِ الكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَنَ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ الله، وَكَيْفَ يَلْعَنُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: يَسُبُّ الرَّجُلُ أَبَا الرَّجُلِ، فَيَسُبُّ أَبَاهُ، وَيَسُبُّ أُمَّهُ» (١). قال المناوي - رحمه الله -: «ولعل وجه تفسيره بذلك استبعاده أن يسب الرجل والديه بالمباشرة، فإن وقع سبهما يكون واقعًا بالتسبب» (٢).

وقد يكون اللعن من الولد لوالديه مباشرًا؛ وهذا لا شك أنه أعظم وأخطر من الأول، ولا يتوقع صدوره من مسلم، «فإذا استحق من تسبب لسبهما اللعنة فكيف حال المباشر؟ ! » (٣).

«لَعَنَ اللهُ مَنْ آوَى مُحْدِثًا» أي: ضمه إليه وحماه. «والإحداث يشمل الإحداث في الدين: كالبدع. والإحداث في الأمر، أي في شؤون الأمة: كالجرائم وشبهها» (٤).

«لَعَنَ اللهُ مَنْ غَيَّرَ مَنَارَ الأَرْضِ» جمع منارة، وهي العلامة التي تجعل في الحدود بين أرضين.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٨/ ٣) رقم (٥٩٧٣)، ومسلم (١/ ٩٢) رقم (٩٠) من طريق سعد بن إبراهيم، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه -.
(٢) فيض القدير (٥/ ٢٧٥).
(٣) المصدر السابق الموضع نفسه.
(٤) القول المفيد (١/ ٢٢٣).

<<  <   >  >>