«لَا يَجُوزُهُ أَحَدٌ حَتَّى يُقَرِّبَ لَهُ شيئًا» أي: لا يمر أحدٌ بهذا الصنم ويتعداه إلا بعد أن يقدم له قربانًا، ومن لم يقرب له شيئًا ضربت عنقه. «فَقَرَّبَ ذُبَابًا» أي: قتل ذبابًا - وهو الحشرة المعروفة - تقربًا للصنم. «فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ» أي: تركوه وسبيله، ولم يتعرضوا له بشيء. «فَدَخَلَ النَّارَ» أي: دخل النار بسبب الذباب الذي قرَّبه إلى الصنم، وهذا محل الشاهد من الحديث للباب؛ لأن قتل الذباب تقربًا للصنم بمنزلة الذبح له، وهذا المُقَرَّب بالرغم من أنه حقيرٌ كان سببًا لدخول النار؛ لأنه صُرِفَ لغير الله تعالى. ومن هذا يستفاد أنَّ صرف أي شيء مهما كان حقيرًا لغير الله تعالى على وجه التقرب والعبادة فهو شرك موجب لفاعله النار. قال سليمان آل الشيخ - رحمه الله -: «في هذا بيان عظمة الشرك ولو في قليل، وأنه يوجب النار» (١). وأما من فعل ذلك وهو لا يقصد التقرب به، وإنما فعله خوفًا من المُكْرِه، فلا يكفر؛ قال تعالى: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النحل: ١٠٦].