في قوله تعالى: {لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} نهي من الله - عز وجل - لنبيه أن يقوم في مسجد الضرار الذي أسس على معصية الله تعالى، فبناه المنافقون؛ لأغراض فاسدة جاء ذكرها في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [التوبة: ١٠٧]. وأمره أن يقوم بمسجد قباء الذي أُسِّسَ على التقوى من أول يوم. ووجه مناسبة الآية للباب: من جهة القياس، فمَنْعُ النبي - صلى الله عليه وسلم - من أن يقوم في مسجد الضرار مع أنه يتعبد فيه لله، دليل على أنَّ المكان الذي يعصى الله فيه لا يصح أن يقام فيه، فكذلك الأماكن التي يذبح فيها لغير الله، لا يجوز أن يذبح فيها لله. «ومطابقة الآية للترجمة أن هذا المسجد لما أسس على معصية الله والكفر به، صار محل غضب، فنهى الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يقوم فيه، لوجود العلة المانعة، وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي إلا لله، فكذلك المواضع المعدة للذبح لغير الله يجب اجتناب الذبح فيها لله، وهذا قياس صحيح» (١).