وقوله: {فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ} أي: فإن فعَلْت ذلك ودعوت من دون الله فإنك إذًا من المشركين بالله، الواضعين العبادة في غير موضعها، الظالمين لأنفسهم بالشرك والمعصية. قال السعدي - رحمه الله -: «فإذا كان خير الخلق، لو دعا مع الله غيره، لكان من الظالمين المشركين فكيف بغيره؟ ! » (١). وقوله: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} الآية [يونس: ١٠٧]، «هذا من أعظم الأدلة على أن الله وحده المستحق للعبادة، فإنه النافع الضار، المعطي المانع، الذي إذا مس بضر، كفقر ومرض، ونحوها {فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ}؛ لأن الخلق، لو اجتمعوا على أن ينفعوا بشيء، لم ينفعوا إلا بما كتبه الله، ولو اجتمعوا على أن يضروا أحدا، لم يقدروا على شيء من ضرره، إذا لم يرده الله، ولهذا قال: {وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} أي: لا يقدر أحد من الخلق أن يرد فضله وإحسانه» (٢). ومناسبة الآيتين للباب: ما جاء فيهما من النهي عن دعاء من لا يملك ضرًّا ولا نفعًا؛ بل الله مالك كل ذلك، وإن أصاب بشدة أو بلاء فلا كاشف لذلك إلا هو جلَّ وعلا، وإن أراد أحدًا برخاء أو نعمة لا يمنعه عنه أحدٌ؛ فلذلك هو وحده المستحق للعبادة دون سواه، فمن دعا غيره أو استغاث بغيره فيما لا يقدر عليه إلا هو فهو مشرك شركًا أكبر.