للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ، وَمُسْتَرِقُ السَّمْعِ هَكَذَا بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ، (وَصَفُهُ سُفْيَانُ بِكَفِّهِ، فَحَرَّفَهَا وَبَدَّدَ بَيْنَ أَصَابِعِه)، فَيَسْمَعُ الكَلِمَةَ فَيُلْقِيهَا إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، ثُمَّ يُلْقِيهَا الآخَرُ إِلَى مَنْ تَحْتَهُ، حَتَّى يُلْقِيهَا عَلَى لِسَانِ السَّاحِرِ أَوِ الكَاهِنِ، فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيهَا, وَرُبَّمَا أَلْقَاهَا قَبْلَ أَنْ يُدْرِكَهُ، فَيَكْذِبُ مَعَهَا مِئَةَ كَذْبَةٍ. فَيُقَالُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ لَنَا يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وكَذَا؟ فَيُصَدَّقُ بِتِلْكَ الكَلِمَةِ الَّتِي سُمِعَتْ مِنَ السَّمَاءِ».



«فَيَسْمَعُهَا مُسْتَرِقُ السَّمْعِ»: أي: يسمع مسترقو السمع، وهم الشياطين، الكلمة التي يقضيها الله - عز وجل -؛ بأن يركب بعضهم فوق بعض، فيسمعون أصوات الملائكة بالأمر الذي يقضيه الله (١).
«فَرُبَّمَا أَدْرَكَهُ الشِّهَابُ قَبْلَ أَنْ يُلْقِيهَا» الشهاب مفرد شُهُب: وهو جرم سماوي يسبح في الفضاء، فإذا دخل في الغلاف الجوي اشتعل وصار رمادًا، وقد جعل الله هذه الشُّهُب رجومًا للشياطين، كما قال: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ} [المُلك: ٥]، فمن يسترق السمع من الشياطين، يرجمه الشهاب كما قال تعالى: {إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ} [الحِجر: ١٨].
و«مناسبة الحديث للباب وللتوحيد: أن فيه الرد على المشركين؛ فإنه إذا كان هذا حال الملائكة عند سماع كلام الله مع ما أعطاهم الله من القوة، عُلم أنه لا يجوز صرف شيء من العبادة لهم، فكيف بمن دونهم» (٢).

<<  <   >  >>