للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟ قَالَ: «مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ» فَتِلْكَ الشَّفَاعَةُ لأِهْلِ الإِخْلَاصِ بِإِذْنِ الله، وَلَا تَكُونُ لِمَنْ أَشركَ بالله، وَحَقِيقَتُهُ: أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ الَّذِي يَتَفَضَّلُ عَلَى أَهْلِ الإِخْلَاصِ فَيَغْفِرُ لَهُمْ بِوَاسِطَةِ دُعَاءِ مَنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ، لِيُكْرِمَهُ وَيَنَالَ المَقَامَ المَحْمُودَ. فَالشَّفَاعَةُ الَّتِي نَفَاهَا القُرْآنُ مَا كَانَ فِيهَا شركٌ، وَلِهَذَا أَثْبَتَ الشَّفَاعَةَ بِإِذْنِهِ فِي مَوَاضِعَ، وقَدْ بَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا لأَهْلِ التَّوْحِيدِ وَالإِخْلَاصِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.



«وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -: مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ؟ »: هذا الحديث الذي ذكره شيخ الإسلام في صحيح البخاري (١).
«فَتِلْكَ الشَّفَاعَةُ لأِهْلِ الإِخْلَاصِ بِإِذْنِ الله، وَلَا تَكُونُ لِمَنْ أَشركَ بالله ... » الخ: هذا بيان وتبيين لشروط الشفاعة المعتبرة شرعًا، وقد تكلمنا عنها في بداية الباب؛ بما أغنى عن إعادتها هنا.
قال ابن القيم - رحمه الله - في معنى حديث أبي هريرة: «تأمَّل هذا الحديث كيف جعل أعظم الأسباب التي تنال بها شفاعته تجريد التوحيد، عكس ما عند المشركين أن الشفاعة تنال باتخاذهم أولياءهم شفعاء وعبادتهم وموالاتهم من دون الله، فقلب النبي - صلى الله عليه وسلم - ما في زعمهم الكاذب، وأخبر أن سبب الشفاعة تجريد التوحيد، فحينئذ يأذن الله للشافع أن يشفع» (٢).

<<  <   >  >>