والثاني: هداية دلالة وإرشاد: وهي المثبتة، ولا يلزم حصول الهدى بها، كما في قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} [الشورى: ٥٢] (١). {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ}: أي أن الله وحده هو الذي يملك هداية التوفيق والقبول والتغيير لا أحد سواه. {وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}: أي: أن الله - عز وجل - أعلم بالذين يستحقون الهداية من الذين يستحقون الغواية (٢). وهذه فيها دلالة واضحة على أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يملك ضرًّا ولا نفعًا ولا عطاءً ولا منعًا، وأن الأمر كله بيد الله، ففيها الرد على الذين ينادونه لتفريج الكربات وقضاء الحاجات. «وَفِي الصَّحِيحِ»: أي البخاري ومسلم، واللفظ الذي ذكره المصنف لمسلم (٣). «لما حَضرتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ»: معناه: حضرت علامات الوفاة وقارب الموت، وليس المراد أنه نزل به الموت؛ لأنه إذا نزل الموت بالمحتضر، وبلغت الروح الغرغرة لا تقبل منه توبة، ولا ينفعه إيمان، ويدل على ذلك ما وقع من المراجعة بينه وبينهم.